مكاسب الحوثيين في اليمن- قراءة في حراك كيري واتفاق إيران النووي
المؤلف: عبدالرحمن الطريري08.06.2025

المساعي الحثيثة والمريبة التي يبذلها جون كيري لإنهاء الصراع اليمني، على نحو يضمن للحوثيين مكاسب جمة، والتي تصب في نهاية المطاف في صالح المشروع الإيراني، تشير بوضوح إلى أن الاتفاق النووي لم يكن يقتصر على مناقشة تخصيب اليورانيوم فحسب.
تبدو هذه الإدارة الأمريكية خاضعة لـ"سياسة حافة الهاوية"، حيث تعتبر السيطرة على الأرض واحتلال المدن ورقة رابحة تستحق عليها الميليشيات حصة أكبر من السلطة، وهذا ينم عن قصور في تقدير المصالح الأمريكية، التي حاول الحوثيون النيل منها مرارًا وتكرارًا، من خلال استهداف المدمرة "يو إس إس مايسون" ثلاث مرات في البحر الأحمر، وحتى على صعيد القيم الديمقراطية التي يعتنقها الحزب الديمقراطي، إذ صرح أوباما إبان احتلال الحوثيين لصنعاء: "إن اليمن لم يكن يومًا ديمقراطيًا".
إن سجل خضوع إدارة أوباما لابتزاز الميليشيات طويل ومترامي الأطراف، بدءًا بالتغاضي عن ممارسات حزب الله، مرورًا بالإبادة الجماعية التي يرتكبها نظام الأسد، وصولًا إلى السعي الدؤوب لإيجاد تسوية مثالية للحوثيين في اليمن، وانتهاء بالاستسلام لإملاءات دولة الميليشيا إيران، وتقديم فدية للسلطات الإيرانية بقيمة 1.7 مليار دولار نقدًا على دفعات، مقابل إطلاق سراح رهائن أمريكيين كانوا معتقلين لدى إيران، وكان آخرها مطلع العام الجاري، حين تسلمت إيران 400 مليون دولار.
وفي تعامل الإدارة الأمريكية مع الملف اليمني، كانت دائمًا ما ترى أن التنازلات يجب أن تأتي من جانب حكومة هادي، بينما كان الحوثيون وصالح يضعون العراقيل تلو العراقيل في طريق المفاوضات، وكان رهانهم دائمًا على أن التحالف سينهك، وأنهم سيحققون جميع المكاسب من خلال حل عسكري، يفوق المكاسب السياسية التي قد يحققونها من خلال أي تسوية.
في المقابل، يسعى الحوثيون في المفاوضات إلى إعطاء الأولوية للتنازلات السياسية من جانب الشرعية على تنازلاتهم العسكرية، فهم على سبيل المثال يلحون على منح الأولوية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، على الانسحاب العسكري من العاصمة صنعاء وباقي المدن الكبرى، أو حتى تسليم السلاح إلى طرف آخر، كما اقترح كيري في جدة قبل أشهر.
اليوم، تسيطر الشرعية على معظم الأراضي اليمنية، وتحاصر العاصمة، وربما لا تقتحمها حقنًا لدماء المدنيين، نظرًا للكثافة السكانية في العاصمة ولما هو معهود من استخدام الحوثيين للمدنيين كدروع بشرية، وبالتالي فمن المنطقي ألا تكون حصة الحوثيين من المشاركة السياسية أكبر من حجمهم الطبيعي، ويجب دائمًا أن يبقى السلاح في حوزة الدولة، لكي يبقى التداول السلمي للسلطة ممكنًا في اليمن.
إن التهاون في التأكيد على ضرورة تسليم السلاح الثقيل للدولة، هو بمثابة سعي حثيث لإنشاء نموذج لحزب الله آخر في اليمن، الأمر الذي سيقضي على فكرة التداول السلمي للسلطة في اليمن، وسيبقي تغلب السلاح الحوثي على مؤسسات الدولة قائمًا، وسيظل الخطر العسكري محدقًا بدول الخليج، ولا سيما المملكة العربية السعودية.
عندما نتأمل الشكل الذي صيغت به ورقة ولد الشيخ، والتي ربما سعى إلى إخراج حل قبل نهاية ولاية أوباما، ندرك ما يزعج الحوثيين على وجه الخصوص على المستويين السياسي والعسكري، فالإصرار على إقالة نائب الرئيس علي محسن الأحمر ليس فقط تأكيدًا على أن قرار الرئيس هادي بتعيينه كان قرارًا سديدًا، بل إنه قرار تأخر كثيرًا.
هناك إدراك متزايد بأن وجود قائد عسكري "شمالي" يسقط ذريعة أن الشرعية تسعى للانفصال، وهذا على مستوى الدعاية الإعلامية، أما على الصعيد العسكري فالأثر واضح حول العاصمة في أكثر من جبهة، وفي مناطق عدة منها الجوف وتعز.
كما أن خطوة بالغة الأهمية اتخذتها الشرعية، وهي نقل البنك المركزي إلى عدن، وقد اتضح أن لها تبعات كبيرة على الحوثيين وصالح، وأنها ستدفعهم حتماً إلى الجلوس إلى مائدة المفاوضات بثوب السياسي بدلًا من البزة العسكرية.
إن ورقة ولد الشيخ تحمل في طياتها 12 بندًا للاستسلام، وإن سميت مبادرة سلام، فالسلام الحقيقي لن يتحقق في اليمن إلا عندما يدرك الحوثيون أن الحل السياسي هو المسار الوحيد الممكن، ويبدو أننا سنحتاج إلى مزيد من الوقت حتى تنضج الظروف لتسوية حقيقية.
تبدو هذه الإدارة الأمريكية خاضعة لـ"سياسة حافة الهاوية"، حيث تعتبر السيطرة على الأرض واحتلال المدن ورقة رابحة تستحق عليها الميليشيات حصة أكبر من السلطة، وهذا ينم عن قصور في تقدير المصالح الأمريكية، التي حاول الحوثيون النيل منها مرارًا وتكرارًا، من خلال استهداف المدمرة "يو إس إس مايسون" ثلاث مرات في البحر الأحمر، وحتى على صعيد القيم الديمقراطية التي يعتنقها الحزب الديمقراطي، إذ صرح أوباما إبان احتلال الحوثيين لصنعاء: "إن اليمن لم يكن يومًا ديمقراطيًا".
إن سجل خضوع إدارة أوباما لابتزاز الميليشيات طويل ومترامي الأطراف، بدءًا بالتغاضي عن ممارسات حزب الله، مرورًا بالإبادة الجماعية التي يرتكبها نظام الأسد، وصولًا إلى السعي الدؤوب لإيجاد تسوية مثالية للحوثيين في اليمن، وانتهاء بالاستسلام لإملاءات دولة الميليشيا إيران، وتقديم فدية للسلطات الإيرانية بقيمة 1.7 مليار دولار نقدًا على دفعات، مقابل إطلاق سراح رهائن أمريكيين كانوا معتقلين لدى إيران، وكان آخرها مطلع العام الجاري، حين تسلمت إيران 400 مليون دولار.
وفي تعامل الإدارة الأمريكية مع الملف اليمني، كانت دائمًا ما ترى أن التنازلات يجب أن تأتي من جانب حكومة هادي، بينما كان الحوثيون وصالح يضعون العراقيل تلو العراقيل في طريق المفاوضات، وكان رهانهم دائمًا على أن التحالف سينهك، وأنهم سيحققون جميع المكاسب من خلال حل عسكري، يفوق المكاسب السياسية التي قد يحققونها من خلال أي تسوية.
في المقابل، يسعى الحوثيون في المفاوضات إلى إعطاء الأولوية للتنازلات السياسية من جانب الشرعية على تنازلاتهم العسكرية، فهم على سبيل المثال يلحون على منح الأولوية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، على الانسحاب العسكري من العاصمة صنعاء وباقي المدن الكبرى، أو حتى تسليم السلاح إلى طرف آخر، كما اقترح كيري في جدة قبل أشهر.
اليوم، تسيطر الشرعية على معظم الأراضي اليمنية، وتحاصر العاصمة، وربما لا تقتحمها حقنًا لدماء المدنيين، نظرًا للكثافة السكانية في العاصمة ولما هو معهود من استخدام الحوثيين للمدنيين كدروع بشرية، وبالتالي فمن المنطقي ألا تكون حصة الحوثيين من المشاركة السياسية أكبر من حجمهم الطبيعي، ويجب دائمًا أن يبقى السلاح في حوزة الدولة، لكي يبقى التداول السلمي للسلطة ممكنًا في اليمن.
إن التهاون في التأكيد على ضرورة تسليم السلاح الثقيل للدولة، هو بمثابة سعي حثيث لإنشاء نموذج لحزب الله آخر في اليمن، الأمر الذي سيقضي على فكرة التداول السلمي للسلطة في اليمن، وسيبقي تغلب السلاح الحوثي على مؤسسات الدولة قائمًا، وسيظل الخطر العسكري محدقًا بدول الخليج، ولا سيما المملكة العربية السعودية.
عندما نتأمل الشكل الذي صيغت به ورقة ولد الشيخ، والتي ربما سعى إلى إخراج حل قبل نهاية ولاية أوباما، ندرك ما يزعج الحوثيين على وجه الخصوص على المستويين السياسي والعسكري، فالإصرار على إقالة نائب الرئيس علي محسن الأحمر ليس فقط تأكيدًا على أن قرار الرئيس هادي بتعيينه كان قرارًا سديدًا، بل إنه قرار تأخر كثيرًا.
هناك إدراك متزايد بأن وجود قائد عسكري "شمالي" يسقط ذريعة أن الشرعية تسعى للانفصال، وهذا على مستوى الدعاية الإعلامية، أما على الصعيد العسكري فالأثر واضح حول العاصمة في أكثر من جبهة، وفي مناطق عدة منها الجوف وتعز.
كما أن خطوة بالغة الأهمية اتخذتها الشرعية، وهي نقل البنك المركزي إلى عدن، وقد اتضح أن لها تبعات كبيرة على الحوثيين وصالح، وأنها ستدفعهم حتماً إلى الجلوس إلى مائدة المفاوضات بثوب السياسي بدلًا من البزة العسكرية.
إن ورقة ولد الشيخ تحمل في طياتها 12 بندًا للاستسلام، وإن سميت مبادرة سلام، فالسلام الحقيقي لن يتحقق في اليمن إلا عندما يدرك الحوثيون أن الحل السياسي هو المسار الوحيد الممكن، ويبدو أننا سنحتاج إلى مزيد من الوقت حتى تنضج الظروف لتسوية حقيقية.